الخميس، 13 مارس 2014

قصة نجاح عثمان أحمد عثمان



عثمان أحمد عثمان مهندس وسياسي مصري؛ ساهم في بناء السد العالي، ومؤسس شركة المقاولون العرب، 
من كبرى شركات المقاولات فى الشرق الاوسط وافريقيا فى أعمال التشييد والبناء مثل الكبارى والطرق والأنفاق والمطارات ومشروعات المياه والصرف الصحى  ولد عام 1917  بـ مدينة الإسماعيلية  ويعد شخصية من الشخصيات المؤثرة في تاريخ البناء والتشيد في مصر والوطن العربي . 

البداية 

حارة  عبد العزيز - شارع مكة  حي العرب – الاسماعيلية

عنوان منزل بسيط بمدينة الأسماعيلية كان يتكون من طابق أرضي مبني بالدبش و الطين و سقفه عبارة عن تعريشة من الخشب و العروق و الجريد و كان يتكون من حجرتين . حجرة للتخزين و حجرة مفروشة بالحصير للنوم و ليس بها دولاب او سرير و في احد اركان البيت عشة للطيور و تعريشة الفرن الذي يعد به الخبز مرة واحدة بـالأسبوع

في هذا البيت البسيط  وفي السادس من أبريل من عام 1917 ميلادية 
ولد طفل لاسرة بسيطة عائلها يعمل في تجارة الجملة بالاسماعيلية و يمتلك محلا للبقالة . ورحل الوالد وعمر الطفل الصغير ثلاثة أعوام و يتولي الأخ الأكبر مسئولية الأسرة و يقوم بترك دراسته  من الشهادة الابتدائية لمساعدة الوالدة في صراع الحياة.كبر الصبي عثمان أحمد عثمان وسط هذا الجو المفعم بالحماس والمعاناة وتفوق في دراسته وحصل علي البكالوريا عام 1935 و فضل دراسة الهندسةعلي دراسة الطب كما هو معتاد لمن حصل علي البكالوريا بتفوق . إيماناً منه بمعرفة موهبته وميوله الشخصي بعد موافقة الوالدة عن الإستغناء عن حلمها أن ترى ابنها طبيباً و خاصة ان الأخ الأ كبر منه مباشرة إنخرط في كلية الهندسة
.


من بداية شاب يدخل كلية الهندسة متسلحاً بالموهبة والعقل والطموح ولكنه كان معدماً مادياً لدرجة انه استطاع الحصول علي ( شهادة فقر ) للاعفاء من المصاريف.
تخرج عثمان من الكليه عام 1940 و عمل فى المقاولات مع خاله الذى رفع مرتبه خلال عام و نصف من 12 جنيه الى 24 جنيه و أستطاع فى تلك الفتره البسيطه ان يحصل على الخبرة من خاله الى جانب المال من عمله.

ثم أستقل عن خاله فى عام 1942 ليبدأ مشواراً طويلاً مليئاً بالصعوبات متوجاً بالنجاح فى عالم المقاولات.
و فى الحي الأفرنجى بالإسماعيليه أفتتح المعلم عثمان مقراً صغيراً لشركته التى صارت عملاقاً بعد سنوات قليله فقد كان هو نفسه هو أول عامل فى شركة المقاولون العرب التى أصبحت بعد ذلك تضم 55 ألف عامل و مهندس.
تنازل عثمان عن لقب المهندس طواعيه من أجل أن يعمل مقاولاً و لا ينسى أن  أول عمل قام به من خلال شركته كان إعداد رسم كروكى لدكان و فى خلال فترة بداياته أطلق عليه عماله لقب المعلم بعد ان شاهدوه يشاركهم فى أعماله بيده و ظل هذا هو اللقب المفضل له
.
فى عام 1944 أتسعت أعمال المهندس عثمان أحمد عثمان و تحول مكتبه للمقاولات الى شركة بعد ان دخل معه شقيقه محمد عثمان شريكاً بالربع و فى هذا العام اشترى اول دراجه لعم رياض اسعد كاتب الحسابات لتكون هذه الدراجه بدايه لاسطول ضخم من السيارات و الأوناش و الاتوبيسات و كانت أول سياره يشتريها لتنقلاته سيارة أوبل مستعمله .و فى عام 1947 بدأ المقاول المعلم عثمان أول تعامله مع المقاولات الكبرى فأسندت اليه شركة عبود باشا عملية إنشاء سور لمصنع السماد بالسويس لتكون هذه العمليه أول سابقه أعمال له فى مجال المقاولات الكبرى .


و تتطور أعمال المعلم و اتخذ له اكثر من مقر لشركته بالقاهره و فى الوقت الذى تهيأ فيه لمحاولة ضم شقيقه الأكبر المهندس أبراهيم عثمان الى شركته و الأعتماد عليه كلياً واجه عثمان أكبر صدمه فى حياته ففى 2 ديسمبر عام 1949 تلقى عثمان احمد عثمان خبر وفاة شقيقه الأكبر و مستشاره الأول  أبراهيم عثمان
و مع بداية الخمسينات سافر المعلم إلى السعوديه و هناك بدأ رحلته التى أطلق عليها رحلة الملاليم و الملايين التى قال عنها فى كتابه تجربتى كانت قصه مثيره و قفت فى أحد فصولها فى مهب الريح عندما فتشت جيوبى بعدة أن دفعت حساب اللوكانده فلم أجد مليما واحداً ووقفت فى فصل آخر منها لا أعرف كيف أحمل  الملايين التى سعت الى دون ان اتوقعها.  

ظل المعلم عثمان يعمل بالسعوديه فتره كبيره و أستطاع بعلاقاته الممتازه أن يفتح مجالات أخرى لشركته فى الكويت و الأردن و العراق و ليبيا و الامارات و خلال عقد الخمسينات و الستينات التقى بالعديد من ملوك و رؤساء الدول التى عمل فيها
.
و فى كل مكان من الدول العربيه التى عمل فيها بها المعلم عثمان كانت إيذاناً بطرد الشركات الاجنبيه من هذه الدول و فتح أسواق جديده للعماله المصرية عن طريق عثمان أحمد عثمان و شركته
.

عثمان أحمد عثمان وقصة إنشاء السد العالي

يقولون ان الأعمال العظيمه لا يحققها الا رجال عظماء و إنشاء السد العالى ملحمه كبرى إستطاع المعلم ان يدخلها و يقود معركتها فى ظل حرب شرسه و لكنه خرج من تلك الحرب بإسم و سمعه كبيره له و للمقاولون العرب.
يقول المعلم عثمان فى كتابه تجربتى عن قصته مع ملحمة السد العالى لقد واجهت اكثر من خصم و خضت أكثر من معركه على أكثر من جبهه فى وقتً واحد فوقف جميع مقاولى مصر ضدى ووقفت فى مواجهتهم شركتي وحدها و كسبت العطاء و تحداني نظام الحكم فى ذلك الوقت و لم يتمكن بفضل الله منى .

بذل الروس قصارى جهدهم من أجل دفنى بين الأحجار هناك حتى يخلو لهم الجو وأعود الى حيث أتيت.حكاية المعلم مع السد العالى بدأت عام 1961 بعد ان رسا عليه عطاء إنشاء السد العالى مقابل 15 مليون جنيه وكان هذا العطاء مفاجأه كبيره للجميع خاصة شركات مصر مجتمعه التى تقدمت بعطاء قدره 27 مليون جنيه و كان الفارق شاسعا و كان ذلك يعنى إما ان عثمان رجل لا يعرف ماذا يفعل و إما ان اتحاد جميع مقاولى مصر اراد ان يسرق الدوله فى 12 مليون جنيه ووقع عقد بناء السد العالى فى 8 فبراير 1961 و اصرت الدوله على ان تدخل شركة مصر للاسمنت المسلح قطاع عام شريكا فى التنفيذ مع المقاولون العرب بنسبة 50% ووافق الرجل مجبرا.و كان السد العالى كما يقول عثمان ملحمه طويله و عريضه لطول و عرض و عمق الجبال و الجرانيت التى هدمها المصريون وأقاموا السد العالى الذى قدر الخبراء ان حجم العمل الذى أستوعبه الهرم الاكبر وأقاموا أكبر سد فى العالم وقتها .

و هكذا أستطاع المعلم عثمان بخبرته و كفاءته و رجاله من أبناء مصر ورغم كل الصعاب التى وضعها الروس أن يبنى السد العالى فى عشر سنوات
 .  

و رغم كل ذلك فقد تم تأميم شركته و لم يتركها الرجل لحظة واحدة تحت التأميم بل عمل فيها وبها حتى أستطاعت أن تنجو من المصير المظلم الذى آلت اليه كل الشركات التى تم تأميمها.
 


دورعثمان أحمد عثمان في النزاع الإسرائيلي

بعد نكسة 1967 بدأت حرب الأستنزاف و أستخدمت إسرائيل طيرانها بشكل مكثف تضرب الأهداف العسكريه و المنشآت المدنية أيضا ً. و كان لابد من مواجهة الذراع الطويلة عن طريق بناء قواعد الصواريخ و قد تصدى المعلم عثمان بأبناء المقاولون العرب لإنجاز هذه المهمه الأنتحارية.
ووافق المعلم على قبول التحدى الرهيب فالقنابل تنهال على رؤوس العمال يومياً لهدم ما بنوه و سقط فى يوم واحد على الضفه الغربيه للقناه 500 شهيد من العمال حيث ان تحدى الطيران الاسرائيلى وصل الى ان قام بهدم احدى القواعد بعد بنائها أكثر من خمس مرات و مع ذلك نجح أبناء المعلم فى أقامتها و نصبت فيها الصواريخ التى قطعت ذراع العدو. و فى ورش المقاولون العرب قام مهندسوا
 القوات المسلحة  بتصنيع المعدية  التى حملت الطلمبات و المضخات التى فتحت الثغرات فى الساتر الترابى لخط بارليف فى اكتوبر 1976 .

علاقة عثمان أحمد عثمان بالرئيس الراحل أنور السادات 



يقول عثمان أحمد عثمان عندما أعلنت اسماء وأعضاء مجلس قيادة الثورة لم أجد في الأسماء من أعرفه إلا "محمد أنور السادات" الذي عاش خلال مراحله الأولى فترة في الإسماعيلية ، ثم رأيته في بورسعيد عقب العدوان الثلاثي عام 1956 ، وكنت قد حضرت من السعودية خصيصا لكي تشارك شركتي في تعمير بورسعيد ، وذهبت أزوره في بيته وفتح لي باب منزله بنفسه وهو يرتدي "الجلباب" .. وكلفني ذات يوم بإدخال بعض التعديلات على منزله ، طلب أن نبني فيللا لإبنته ، ثم طلب بناء فيللا لكريمته الثانية.وتكررت الزيارات العائلية بيننا ، وسافرت مع السادات عام 1976 في رحلة إلى السعودية والكويت والإمارات ، ووافق السادات على إفتتاح إنشاءات مصنع الكوك بحلوان في أول مايو عام 1971، وتحدث فيه السادات عن سيادة القانون.
ووصل السادات إلى الإسماعيلية وتحد موعد زيارته لإسرائيل في نوفمبر عام 1977، وقلت له بتلقائية سأذهب معك يا سيادة الرئيس.


 
وأصبحت في عهد السادات نائبا لرئيس الوزراء ووزيراً في ثلاث وزارات أولها في 28 أكتوبر عام 1973 وإعتــذرت في نوفمبر عام 1976 عن الإستـــمرار في العمل الوزاري ، وعام 1979 إختارني المهندسون نقيبا لهم ، والمرة الثانية عام 1983م
بالإضافة الي ذلك  أنه كان صهر الرئيس الراحل أنور السادات

علاقة عثمان أحمد عثمان بجماعة الإخوان المسلمين 

في المدرسة الإبتدائية إلتقي "عثمان" بمدرسه المرحوم "الشيخ حسن البنا" تفتحت عيناه إذن على الرجل الذي قدر له أن يؤسس جماعة الإخوان المسلمين ، ويكون له شأن يذكر في تاريخ مصر الحديث "الشيخ حسن البنا" تتلمذ عليه صبيا في المدرسة الإبتدائية ، ولعل هذه الصلة بين مدرس وتلميذه في نفس الصبي وأتت ثمارها فيما بعد ليرتبط بجماعة الإخوان المسلمين ، كان "المرحوم حسن البنا" مدرسا للغة العربية والدين في مدرسة الإسماعيلية الإبتدائية ، وكان شاب في العشرينيات من عمره ، وكان خال "عثمان" هو الشيخ محمود حسين من علماء الدين في الإسماعيلية ، وقدم شقيقه "الشيخ محمد حسين" رحمه الله إلى الشيخ "حسن البنا" وتأكدت أواصر الصداقة بين "الشيخ حسن البنا" وبين الشيخ ":محمد حسين" خال عثمان. وكان "الشيخ حسن البنا" يذهب كل يوم بعد صلاة العشاء إلى "مندرة" الشيخ محمد حسين ليلتفا في أمور الدين ، وأصبحت الجلسة دائرة المنتدى الديني و"الشيخ البنا" يتصدر ذلك المنتدى ، وتطورت جلسات المنتدى من "المندرة" لتصبح الإسماعيلية كلها منتدى دينيا ، وكانت المسيرة تطوف بشوارع حي العرب راحت تمتد إلى الحي الأفرنجي ، وصدر قرار بنقل الشيخ البنا من الإسماعيلية إلى القاهرة وقد تم إلغاء النقل بشرط ألا تمتد المسيرة إلى الحي الأفرنجي  ، وبدأت جماعة الأخوان المسلمين في الإسماعيلية عام 1928 ، والصبي "عثمان" في الحادية عشرة من عمره ، وإنضم "عثمن" فيما بعد إلى الجماعة.


من مقولاته 

لا أنكر أنني أقمت العديد من الشركات الجديدة.. بلغت حتي الآن 170 شركة تساوي عندي 170 نجاحاً .. و لكن الناس لا تصدق أن عثمان أحمد عثمان لايملك سهما واحدا في أي من هذه الشركات 

لا أحب أبدا المواقف المترددة .. و أميل إلي الحسم السريع للأمور دون إغراق في التمحيص ..
 . و التدقيق و الدراسة طريقتي في الإدارة.. لا تكتب ولا تقرأ .. بل تمارس 



آراء منتقديه 


رأي منتقدي عثمان أنه قد استغل نفوذه و علاقاته في:
بقاءه رئيسا لمجلس إدارة شركة المقاولون العرب بالرغم من تأميمها تأميما نصفيا ثم كليا بعد ذلك, بل و استتثناء الشركة من شرط تمثيل العاملين في مجلس الإدارة .
تقريب أفراد عائلته و منحهم المناصب الكبري بالشركة حيث كان حوالي نصف أعضاء مجلس الإدارة منهم
.
مما لاشك فيه أن المعلم عثمان أحمد عثمان قد أعطى  على مدى قرابة 80 عاما الكثير لمصر و أمتدت يده بالخير و التعمير و إذا كان السد العالى هو ابرز انجازات عثمان احمد عثمان فأنه قد اسس اكثر من 150 شركه منذ تخرجه من كلية الهندسه عام 1940 و حتى اخر لحظه فى الوزاره و اكثر من 15 بنكاً مختلفاً.

و فى الأول من مايو عام 1999 رحل عن الدنيا المهندس عثمان احمد عثمان و كما شهد القرن العشرون تألقه فقد شهد ايضا موكب جنازته الذى اكد ان العطاء لا يموت ابدا.

سواء كنت تتفق أو تختلف  على المعلم " عثمان أحمد عثمان " في مواقفه السياسية  فــ بالتاكيد تتفق معي أنه رجل عصامي ناجح كّون نفسه من تحت  الصفر  الي قمم النجاح 
.كان يصنف طوال فترة رئاسة السادات في مجلة فوربس الأمريكية  ضمن أكبر 400 ثري في العالم.



نبذة عن الكاتب

أسمي محمود بهنس من مصر مهتم بـالتفنية وتطوير الذات وقصص ومسيرة الناجحين


قال تعالى : ( مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )

Bahnass55

التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

^ إلى الأعلى